اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 59
[نسب النبي صلى الله عليه وسلم ومولده ورضاعه]
[نسبه ومكانته في قومه] :
ولد محمد صلى الله عليه وسلم من أسرة زاكية المعدن، نبيلة النسب، جمعت خلاصة ما في العرب من فضائل، وترفعت عما يشينهم من أوضار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: «إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» [1] .
وعراقة الأصل لا تمنح الرجل الفاشل فضلا، كالصلب إذا ترك للصدأ، يمسي لا غناء فيه، أما إذا تعهدته اليد الصنّاع فإنها تبدع منه الكثير.
ولذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ الناس أكرم؟ قال: « ... فعن معادن العرب تسألوني؟» قالوا: نعم، قال: «فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» [2] .
وكان منبت محمد صلى الله عليه وسلم في أسرة لها شأنها، بعض ما أعد الله لرسالته من نجاح؛ فالمجتمع العربي الأول كان يقوم على العصبيات القبلية الحادة، العصبيات التي تفنى القبيلة كلها دفاعا عن كرامتها الخاصة، وكرامة من يمتّ إليها.
وقد ظلّ الإسلام حينا من الدهر يعيش في حمى هذه التقاليد المرعية حتى استغنى بنفسه كما تستغني الشجرة عما يحملها بعد ما تغلظ وتستوي ...
وكان (لوط) عليه السّلام يتمنّى شيئا من هذه التقاليد، عند ما أحسّ الخطر على الأضياف النازلين به، ولم يجد عشيرة تدفع أو أهلا تهيجهم الحمية، فقال لقومه: [1] حديث صحيح: أخرجه مسلم: 7/ 58، من حديث واثلة بن الأسقع؛ وصحّحه الترمذي: 4/ 292. [2] حديث صحيح: أخرجه البخاري: 6/ 412- 413؛ ومسلم: 7/ 181، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 59